إن ظاهرة عمالة الأطفال مشكلة خطيرة, تسعى العديد من البلدان إلى الحد منها ومكافحة مختلف مظاهرها.. فهي تؤثر على المجتمع ككل وتؤدي إلى تهديد مستقبله وتطوره وازدهاره بسبب فقدانه للثروة التي يملكها (الأطفال) والذين سيكونون في المستقبل القوة العاملة والبناة الذين يشكلون المجتمع الفتي.
تقدر ظاهرة عمالة الأطفال في الوطن العربي بحوالي 9-10 ملايين طفل وتشكل نسبتهم 15% إلى مجموع الأطفال إذا حاولنا استعراض بعض الأساليب الكامنة وراء ظاهرة تشغيل الأطفال فإن الفقر هو أبرزها, لأن الطفل يزج بسوق العمل لإعالة ذويه ويساهم عادة ب20-25% من دخل الأسرة..
وانخفاض مستوى التعليم ومستوى الوعي لدى الأسر بشكل رئيس و البيئة الاجتماعية المحيطة التي تجعل الأطفال يشدون بعضهم بعضاً نحو الانخراط بالعمل في سن مبكرة لنيلهم الحرية والاستقلالية الشخصية والمالية.
يقول السيد أنس حبيب من جمعية تنظيم الأسرة السورية فيقول: إن العمل يضع أعباء ثقيلة على الطفل ويهدد سلامته وصحته ويستفاد من ضعف الطفل وعدم قدرته على الدفاع عن حقوقه ويستغل الأطفال كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار.
ولا يساهم العمل المبكر من الناحية السلبية في تنمية الطفل ويعيق تعليمه وتدريبه ويغير حياته ومستقبله. لقد أجبرت الظروف بعض الأطفال للتخلي عن طفولتهم سعياً وراء لقمة العيش ومارسوا أعمال الكبار بشروط السوق ومن أهم أسباب عمالة الأطفال المستوى الثقافي للأسرة والفقر وغياب المتابعة الجدية لظاهرة تسرب الأطفال من التعليم الأساسي ونقص المعرفة بقوانين عمالة الأطفال.
ويقول الدكتور علي رستم من المكتب المركزي للإحصاء: إن مفهوم عمالة الأطفال هي ممارسة الأطفال الأنشطة الاقتصادية في أعمار يفترض بهم أن يكونوا ملتزمين بالتعليم..
ومن أسباب هذه الظاهرة الواقع الاقتصادي والاجتماعي وانخفاض مستوى التعليم ومستوى الوعي لدى الأسر بشكل رئيس ومن سلبيات عمل الأطفال من الناحية الاقتصادية في المستقبل سيصبح عاملاً غير مؤهل ولا يوجد لديه أي تأهيل للعمل الذي يمارسه ومع وجود التكنولوجيا الحديثة فإن إنتاجيته سوف تنخفض.
أما من السلبيات الاجتماعية فهو أن الطفل لن يعيش طفولته بشكل سليم ويقوم بدور غيره وبمهام لا تتناسب وعمره.. عدا عن حرمانه من حقه في التعلم والتربية ويمكن القول :إن الطفل في هذه الحالة يخرج من المهد إلى العمل.. وهذا الأمر يترك بالغ الأثر السلبي في نفسيته وعلاقاته وتفكيره المستقبلي .. ومن المفترض وجود برنامج ضمان اجتماعي يعوض الأسرة عن فقدان معيلها .ومفهوم السوق الاجتماعي المطروح حالياً في سورية يجب أن يوفر ضمانات اجتماعية للأسر.
إن سن التشريعات والقوانين من الأمور الأساسية والهامة لدعم وحماية الأطفال ولكن هذا الأمر وحده لا يكفي .. علينا النظر جلياً بعملية التوازن بين الدخل والأسعار وتحسين المستوى المعيشي ومعالجة الفقر والأمية والجهل ومحاربة المفاهيم الخاطئة في المجتمع والتسرب المدرسي والأوضاع السكانية.